وفاء العجلة - قصة نجاح مهندسة مدنية من فلسطين بالحصول على منحة في واحدة من أفضل جامعات بريطانيا
2022-03-22
أدرك تماماً أن ما يدفعك الآن لتصفح هذه السطور الآن هو نفسه ما دفعني لتصفح ذات السطور لأشخاص آخرين في الأعوام الماضية!
أنه حلمٌ يطول ليله أكثر من غيره، وحلم للعديد من الأشخاص المميزين الطموحين الذين لا حدود لأحلامهم. الحصول على منحة لتغطية تكاليف الدراسات العُليا في الخارج لاسيما في المملكة المتحدة، هو حلم للكثيرين فعلاً، ولا يمكن تجاهل حقيقة أن معظم من يخوض هذه التجربة هم أشخاص يستحقون المنح بجدارة، ولذا يجب أن ندرك أن العزيمة والمحاولات المستمرة هي بطاقتك الرابحة في هذه التجربة، فالمنافسة شديدة والفرص ليست بالكثيرة!
تجربتي في التقديم على المنح ليست إلا رحلة ثلاث سنوات من الرفض والوضع على قائمة الانتظار والخيبات كلها خضتها وحدي.
انهيت دراستي الجامعية في تخصص الهندسة المدنية عام ٢٠١٨، ورغم أن خطتي الأولى منذ البداية هي الدراسات العُليا إلا أنني لم أبدأ بالتقديم على المنح الدراسية إلا في عام ٢٠١٩ بسبب خوفي من التجربة وعدم إلمامي بالتفاصيل الكافية، تقدمت في حينها على منحة واحدة فقط وبالتأكيد لم أوفق. في عام ٢٠٢٠ تقدمت على منحتين وكنت على قائمة الانتظار في ثالثة، أما في عام ٢٠٢١ تقدمت على أربع منح وقُبلت في اثنتان منهم:
١- Durham Palestine Educational Trust (DPET)
٢- Humanitarian scholarship- University of Dundee
- كخطوة أساسية، وكمرحلة لم تكن هينة أبدًا لي شخصياً، عليكم اتقان اللغة الإنجليزية، المفتاح الرئيسي للحصول على منحة هو اللغة الإنجليزية، بدايةً من اجتياز امتحان الآيلتس أو ما يكافئه بالدرجة المطلوبة لدى الجامعات (ويُفضل بدرجة أعلى لتُنافس بشكل أفضل)، انتقالاً لكتابة المقالات. الكثير من الجهد يجب أن يبذل لتطوير اللغة الإنجليزية بشكل كافي للتواصل والتعبير عن الذات والقدرة على إيصال رسالتك بلغة واضحة. (كنصيحة صغيرة حاول أن تمارس المهارات الأربع يومياً، استمع لمقطع إنجليزي يومياً، اقرأ مقالاً باللغة الإنجليزية يومياً، حاول أن تكتب قائمة مهامك اليومية بالإنجليزية، وأن تتحدث لمدة لا تقل عن ربع ساعة يومياً بالإنجليزية).
- ابدأ الآن، لم أتقدم على أي منحة في العام الأول من تخرجي خوفاً من الخطوة الأولى، كانت معرفتي بالخطوات والمستندات المطلوبة محدودة وكنت أظن أن التقديم على الجامعات أمر صعب ومرهق، لكن التجربة هي خير وسيلة للتعلم؛ فعندما بدأت زالت العديد من المخاوف وأدركت أن الأمر لم يكن صعباً أبداً!
- من الممكن أن تصل لهدفك من المرة الأولى ولكن في غالب الأمر يختار لك الله طريقاً أطول، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، فلا تبتئس وإبدأ من جديد في كل سنة. وخلال مضيك في هذه الرحلة من المهم جداً أن تسعى أيضاً في حياتك العملية (وظيفة ولو مؤقتة، عمل تطوعي، برامج تدريبية، ورشات عمل محلية أو دولية عبر الإنترنت) عليك أن تحرز تقدماً واضحاً في كل عام يمكنك إضافته في طلبك للعام القادم، الانتظار فقط ليس مجدياً في الغالب! كتجربتي الشخصية لم أدع باباً إلا وطرقته بعد التخرج، ورغم أني لم أحيد أبداً عن خطتي الأولى وهي الدراسات العُليا، إلا أنني خُضت تجارب متنوعة وعديدة بالتزامن مع مرحلة التقديم للمنح والانتظار، أعلم جيداً ندرة الفرص وصعوبة الطريق، لكن بالتصميم والإرادة كنت دائماً ما أُوفق لفرصة جديدة تُضاف لي وأضيف لها.
- كلما وضعتَ جهداً أكبر واستغرقت وقتاً أكثر في كتابة المقالات فأنت أقرب خطوة من القبول، تابع صفحات المنح والأشخاص المهتمين بها، أقرأ كثيراً قبل أن تبدأ بالكتابة.
- حاول في طلبك أن تُبرز تَفرُدك، وتَجَنب السرد للكثير من الخبرات والمهارات بدون التركيز على المُخرجات المميزة من هذه التجارب (في خطاباتي الأولى كنت أتبع هذه الطريقة ظناً مني أن العبرة في الكثرة، ولكن العبرة بالكيف).
- اطلب المساعدة! كانت أحد أخطائي منذ البداية أنني تجنبت طلب المساعدة من أحد، أحياناً معلومة بسيطة من أحدهم قد تُوفر عليك الكثير من الوقت والجهد. أنصح أيضاً باختيار أشخاص ذوي خبرة في هذا المجال لطلب المشورة منهم. وبهذا الصدد ليس بوسعي إلا أن أعبر عن امتناني وشكري للدكتور أشرف، ففضلاً عن المقالات الثرية بالمعلومات على مدونته، كان باب الاستشارة مفتوحاً عبر بريده الإلكتروني دائماً، وأجابني باستفاضة عن الكثير من الاستفسارات بسعة ورحابة صدر!
أنا الآن في جامعة درم، في الخطوة الأولى من حلمي، أكمل درجة الماستر في الهندسة المدنية ولا زلت أرى الطريق أمامي طويل لكني أؤمن بقدرتي على مواصلة المسير. من المُجدي أن نتذكر أن الوصول لا يتحقق إلا باستمرار السعي، حتى لو بدا لك الأمر صعباً أو مستحيلاً في البداية.
في أول بريد إلكتروني وصلني من منحة DPET بعد قبولي أخبروني أنني أول طالبة هندسة في المنحة منذ أكثر من عشرة أعوام! تذكروا أن ما يطلبه المانحون من تخصصات ومهارات ومعايير يتغير من عام لآخر حسب الحاجة وقد تكون فرصتك في هذا العام الحالي، فتفاءل وإبدأ الآن :)
أتمنى التوفيق للجميع