خلدون مقدادي - قصة نجاح مهندس معماري من الأردن
2022-02-21
لا أذكرُ أنني قد تجاهلت أياً من هذه الأمثلةَ من التجاربِ والنوعيّةَ من النصوص "التحفيزيّة" إذا ما صادفتُها كتابةً أو صادفتُ أحد روّادها وجها لوجه. كنت وأنا أقرأ أو أستمعُ - بكل جوارحي - إلى كل حرف منها، أتأرجحُ بداخلي بين ذلك الحلم الجميل بيقين الوصول ليكون بذلك وقوداً محفّزا للاستمرار في المحاولة، وبين الشك في بقائهِ مجردَ أمنيةٍ فيتحولُّ إلى كابوسٍ يوهنِ من همتي مِراراً.
مرحباً، أنا خلدون مقدادي، من الأردن. تخرجت سنة ٢٠١٨ من قسم الهندسة المعمارية من جامعة اليرموك، الأردن. كمعظم الخريجين الجدد، كنت أترنّحُ بين شغفي في الدراسات العليا وجدواها على كل الأصعدة وبين ممارسة المهنة. إلا أن ممارستي للمهنة في الخليج ولمدة ثلاث سنوات (٢٠١٨-٢٠٢١) كانت كفيلةً منذ بداياتها في تعميق يقيني للرضوخِ للخيار الأول.
بدايات التقديم:
ما يميّز الهندسةَ المعمارية هو تنوّعُ مساراتها التخصصيّة ومجالات التعمق فيها؛ سواء على المستوى المهني أو الأكاديمي. لعلّ هذا التنوعَ من المسارات نابعٌ من تداخل العِمارة وتقاطعها مع مجالات متعددة؛ من علم الاجتماع، الفنون، الاقتصاد، السياسية، الهندسة والتكنولوجيا؛ حيث إن الفراغ المعماري هو نتاجٌ لتفاعلها معا.
على الرغم من إيجابية هذا التنوّعِ - من وجهة نظري - إلا أنه كان مفترقَ طرقٍ آخر استوجبَ الكثير من الوقت لتحديدِ أياً من الطرق هو الأنسب؛ لينتهي بي الطريق للرسوِّ على الماجستير في مجال علم الأعصاب الحاسوبي، الذكاء الاصطناعي والروبوتات في جامعة برمنجهام، بريطانيا.
"Computational Neuroscience, AI and Cognitive Robotics MSc / University of Birmingham"
سبق ذلك القرارَ قراراتٌ أخرى لاختيار مجالاتٍ مختلفة، بعضها انتهى بمحاولاتٍ ناجحة للحصول على منح بتمويل كامل، إلا أن التردد في اختيارها كان سيّد الموقف، والبعض الآخر انتهى برسالة لطيفة "في ظاهرها طبعا":
" We regret to inform you"
سلوكُ أيَّ طريقٍ في سبيل الدراسات العليا يحتوي – في الأغلب - على مرحلتين؛ الأولى هي الحصول على القبول الجامعي والثانية هي قبول أحد الأطراف (جامعات أو منظمات) لتمويل تلك الدراسة بشقيّها؛ الرسوم الجامعية والمصاريف الشخصية. غالبا تكمن الصعوبة في المرحلة الثانية خصوصا في بريطانيا، وسرها يكمن في محدودية عدد المقاعد والمنافسة الشديدة التي تكاد تصل نسبة القبول في بعض الجهات المانحة إلى ١٪ من عدد المتقدمين. لعل هذه النسبة أو مثيلاتها قد تخلق نوعا من اليأس من الوهلة الأولى، إلا أن الجدير بالذكر أن نسبة - لا بأس بها -من المتقدمين لا يحققون المتطلبات الأساسية للمنحة، فالنسبة في باطنها أعلى من ظاهرها.
بعد الحصول على القبول الجامعي من عدة جامعات في التخصص، كانت تشيفننج (وهي منحة مقدمة من الحكومة البريطانية) خياري الشخصي الوحيد لتحقيق الشق الثاني (التمويل). منحة تشيفننج هي منحة مرموقة وذات تنافسية عالية؛ إذ أن عدد المتقدمين سنويا من الأردن يقرعُ أبوابَ الألفِ متقدم. كان فضل الله عظيما أن كُتبت لي بعد مشوار متعب استحق لحظة الفرح وقت وصل القبول النهائي، لأبدأ بعدها مشواري في الماجستير ولمدة عام كامل في جامعة برمنجهام في شهر سبتمبر ٢٠٢١.
مدينة برمنجهام مدينة جميلة جدا؛ بطبيعتها، وعِمارتها، وتنوع ساكنيها وأصولهم. أما الجامعة، فكان وجهتي لاختيار جامعة برمنجهام سببه الاختصاص و التصنيف العالمي للجامعة؛ إذ أنها ضمن أفضل ١٠٠ جامعة حول العالم، بالإضافة إلى عضويتها ضمن (Russell Group) ؛ وهي مجموعة تضم نخبة الجامعات البريطانية ذات المجال البحثي العالي. التنوع الطلابي في الجامعة، أصولهم وخلفياتهم الثقافية والعلمية كبير وفريد، تراه من اللحظة الأولى لدخولك الجامعة.
التقديم للجامعات الغربيّة للحصول على القبول والمنح مسار طويل وشاق، يحتاج للصبر، الاجتهاد والاطلاع على تجارب الآخرين. لا يمكن خطو أي خطوة في هذا الاتجاه دون تحقيق شروط التقديم؛ من امتحانات اللغة الإنجليزية (الآيلتس والتوفل)، رسالة الحافز، رسائل التوصية، المقترح البحثي وغيرها. التوفيق من الله والتخطيط المسبق الجيّد هو المفتاح الذهبي.
الأحلامُ هي وقودُ الأيام، أمنياتي بالتوفيق والنجاح لكل شبابنا الطامحين لرفعة بلدانهم وأمتهم بالعلم والمعرفة، عسى هذه المساعي أن تساهم في خلق مستقبل أجمل، لهم، لأسرهم ولأوطانهم.
خلدون مقدادي