أحمد أبو هيبة .. حصل على منحة لدراسة الدكتوراه بدون أن يدرس الماجستير
2021-10-13
أنا أحمد، مُنحت درجة البكالوريوس بدرجة جيد جداً في الهندسة الميكانيكية من الجامعة الإسلامية في يونيو 2019. الأول والوحيد من ينهي هذه الدرجة ذاتها خلال أربعة أعوام فقط، بدلاً من خمس سنوات. تلقَّنت تعليمي في الثلاث سنوات الأولى في الجامعة الإسلامية بغزة، أما عامي الرابع والأخير درسته كاملاً في جامعة جلاسجو باسكتلندا بعد حصولي على منحة من إراسموس بتمويل من الاتحاد الأوروبي – كطالب تبادل ثقافي – قبل أن أعود إلى فلسطين. لم أرغب بالعودة قبل إكمال الماجستير والدكتوراة، ولكن الأمر الواقع حسم أمري بالعودة.
مرفق فيديو يوثق لحظة تخرجي من الجامعة الإسلامية بينما كنت لا أزال في بريطانيا.
بمجرد عودتي، حصرت معظم جهدي في البحث عن فرصة لإكمال دراسة الماجستير. كانت الخطوة الأولى هي تلبية متطلبات الدراسة في الخارج من لغة وغيرها. خلال أشهر قصيرة، تقدمت لاختبار الآيلتس وحصلت على أكثر من الدرجة المطلوبة. تقدمت أيضاً لاختبار التويفل محرزاً ما يعادلها في اختبار الآيلتس. حتى أنني تقدمت لاختبار ديولنجو فأزيد من فرصتي في التقدم إلى كل الجامعات. أما الاختبار الأكثر صعوبةً ورهبة، GRE تقدمت له علاوةً على كل الاختبارات السابقة، وهو متطلب رئيسي للحصول على قبول الماجستير لتخصصات الهندسة والعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الجامعات في كندا. أما بريطانيا كان يكفي فقط الحصول على الأيلتس.
ماذا الآن بعد أن حصلت على كل الدرجات المطلوبة للتقديم للقبولات الجامعية والمنح؟ تقدمت إلى منح كثيرة جداً. كما ذكرت آنفاً، لا يقل عن ثلاثين منحة، كل منحة أقدم عليها، أتعلم منها أكثر وأكثر، وأتعرف بشكل أقرب وأعمق على ما تريده كل منحة، وما هي المفاتيح الأساسية التي تضمن لك الحصول على منحة.
كل منحة كنت أقدم عليها، تطور من أدائي في كتابة المقالات للمنحة التي كنت أنوي أن أتقدم إليها تالياً، تقدمت إلى منح تشيفننج، سعيد، أكسفورد بروكس، شفيلد، سانت أندروس في بريطانيا ورُفضت بهم جميعاً، تقدمت إلى منحة الحكومة الإيرلندية ومنحة الحكومة الكندية ومنحة الحكومة التركية ومنحة الحكومة الصينية وتم رفضي، تقدمت إلى منحتين في هولندا وتم رفضي، تم رفضي أيضاً بمنحة البنك الإسلامي للتنمية، حتى أنني تقدمت على منح من خلال وزارة التربية والتعليم في اليابان ودول أخرى وتم رفضي.
استقبلت ردود الرفض من جميع المنح التي تقدمت إليها، وتبقى الرد من عدد يقل عن أعداد أصابع اليد الواحدة. طبعاً، لم أكن أتوقع أبداً الحصول ولو على نصف منحة بعد كل ذلك الرفض، إلا أنني بحمد الله، حصلت على منحة ماجستير في ولاية أوهايو بأمريكا. كنت سعيد جداً بحصولي على تلك المنحة على الرغم من أنني تقدمت إلى عدد كبير جداً ورُفضت بمعظمهم.
نعود إلى الوراء قليلاً، كانت المنحة الأخيرة التي قد تقدمت إليها، بطابع مهزوم، هي منحة زمالة ماري كوريMarie Curie Fellowship وهي منحة دكتوراة كريمة جداً، وهذه المنحة هي أكثر منحة تنافسية في كل أوروبا، هي أكثر منحة مرموقة أيضاً في أوروبا، وهي مفتوحة لكل جنسيات العالم ممولة من الاتحاد الأوروبي، يتقدم إليها على الأقل 1500 شخص من كل العالم للمنافسة على 15 مركز فقط. عندما تقدمت إليها كان ما يزال هناك شاغر واحد فقط لإكمال العدد. فعلاً تقدمت للمنافسة على هذا المركز المتبقي والوحيد، وقد تقدم إليه ما يقارب 80 شخص لمكان واحد فقط. بعد تخطي مراحل الحصول على المنحة من تقديم الطلبات ومقابلات، بقيت أنتظر النتيجة، ولم أكن أبداً أتوقع أنني سأحصل عليها ولو بنسبة واحد من مليون. انتهت مقابلتي مع اللجنة ظهراً، وفي نفس اليوم ليلاً، تلقيت رسالة بريد إلكتروني عنوانها:
Results of your Application for Marie Curie Fellowship
ضحكت، وقلت قبل أن أفتح الإيميل: بهذه السرعة رفضوني؟ أفتح الإيميل وأقرأ وأنا متأكد أنني مرفوض، هذا هو الإيميل:
Dear Ahmad
Thank you for applying for this position and attending the interview today. I am pleased to inform you that the panel has selected you and this is an informal offer of appointment. Please let me know as soon as possible if you accept this offer and I will instruct our human resources to issue a formal offer for you.
Looking forward to hearing from you
الحمد لله، حصلت على المنحة! كنت أقرأ بصدمة وفرحة عارمة جداً، فرحة لا توصف. على الرغم أنني كنت أبحث عن منحة لدراسة الماجستير، إلا أنني حصلت على منحة دكتوراة في الهندسة الميكانيكية من جامعة City, University of London وبتمويل من مؤسسة Marie Curie التابعة للاتحاد الأوروبي، ووُظفت في الجامعة كباحث، وكنت العربي الوحيد الحاصل على هذه المنحة، أيضاً الوحيد بين ال 15 الذي حصل على منحة الدكتوراة هذه ولا أملك درجة الماجستير.
الآن أعمل كباحث دكتوراة في جامعة CUL في لندن، ضمن مشروع بحثي بعنوانNext Generation of Micro Gas Turbines، وضمن بحث الدكتوراة الخاص بي بعنوان: تحسين قدرة توربينات الغاز الصغيرة، الآلات الكهربائية السريعة، وأنظمة التحكم.
تخيلوا، بعد يوم واحد فقط، حصلت أيضاً على منحة دكتوراة في الهندسة الميكانيكية من جامعة بيرمنغهام ببريطانيا، ولكني اخترت زمالة ماري كوري في جامعة CUL، كونها زمالة مرموقة وأكثر تنافسية، وأكثر كرماً.
السؤال الذي لربما خطر ببالك الآن وأنت تقرأ: هل أستطيع دراسة الدكتوراة دون أن أملك درجة الماجستير؟ الإجابة باختصار: نعم. المهم أن تستطيع أن تنافس شخص آخر حاصل على الماجستير لدراسة الدكتوراة. المنافسة الرئيسية تنبع من قوة الكتابة الأكاديمية، نشر الأبحاث العلمية، اللغة الإنجليزية، الخبرة في مجال الدراسة وغيرها.
الاستمرارية وعدم الكلل هي النجاح الأول والأخير، تقدمت إلى عدد كبير جداً من المنح في كثير من الدول، لم أتعب ولم أكل أو أمل، كان هدفي واضح ولن أحيد عنه حتى أحققه.
خلال تقدمي لهذه المنح، لاحظت أن نسبة الحصول على معظم المنح تقارب 3 إلى 5 بالمئة، يعني لتضمن حصولك على منحة واحدة على الأقل، تقدم لثلاثين منحة. هذا لا يعني أنك لن تحصل على منحة لو تقدمت إلى 3 أو 4 فقط. أعرف الكثير ممن تقدموا إلى منحة واحدة فقط وحصلوا عليها. حتى لو تقدمت على عدد كبير جداً ربما لن تحصل على أي منحة، الأهم من كل ذلك هو الاستمرارية.
فيما يتعلق بتجربتي في التقدم لاختبار الأيلتس، برأيي الشخصي أن اختبار الأيلتس ليس مجرد اختبار يقيس مستوى اللغة الإنجليزية، إنما يقيس فعلياً مدى جهدك وتحضيرك ودراستك للامتحان نفسه أكثر من مستواك الأساسي باللغة الإنجليزية. ماذا أعني بذلك؟ لنفترض أن شخصين لديهم نفس الاختبار، جغرافيا مثلاً، الأول بالصليقة وبالبحث والخبرة لديه معلومات جغرافية
كبيرة، بينما الشخص الآخر لا يمتلك نفس معلومات الشخص الأول بالجغرافيا أبداً، الشخص الأول لم يدرس للامتحان وقرر الذهاب للاختبار معتمداً على خبرته ومعلوماته، الشخص الثاني درس وتحضر بشكل جيد جداً للامتحان. من تعتقدون أنه سيحصل على الدرجة الأفضل؟ غالباً، هو الشخص الذي درس وتحضر وكان لديه معلومات أقل، هكذا هو اختبار الأيلتس برأيي الشخصي. الدراسة والتحضير للاختبار نفسه والتعرف على الأسئلة وشكل الامتحان وكل التفاصيل هو من سيضمن لك الدرجات المطلوبة. إذا كنت تعتقد أن مستواك بالإنجليزية ضعيف وأنك لن تستطيع أبداً الوصول للدرجة المطلوب في اختبار الأيلتس، فأنت مخطئ تماماً. مهما كان مستواك، تستطيع الحصول على الدرجة التي تريد، ولكن بالممارسة، التدريب وحل الاختبارات. الممارسة المكثفة ستجعلك تحصل على ما تريد. هناك مثل رائع باللغة الإنجليزية يقول: Practice Makes Perfect"
أما فيما يخص الإجابة المقالية على أسئلة المنح، أو ما يُسمى رسالة الدافع، Cover Letter، أو Personal Statement، تعددت الأسماء والهدف واحد. في معظم المنح، رسالة الدافع هي العنصر الأهم في تقييم طلبك، إذا كنت تكتب رسالة دافع لمجرد إنها إحدى المتطلبات للمنحة - بغض النظرعن قوة التسويق لنفسك في تلك الرسالة - صدقني لن تحصل على أي منحة أبداً، رسالة الدافع هي العنصر الأهم في طلب المنحة والتي يجب أن تضع أكبر كم من وقتك لتلك الرسالة. عند البدء بكتابة المقالات، اكتب بلغة قوية جداً، وشغوفة وخذ وقتك بالكتابة، ابدأ بالكتابة قبل موعد التقديم بفترة جيدة، واستمر بالتعديل حتى آخر لحظة. ضع كل جهدك بكل قوة وبدون أي كلل في إنشاء إجابات أكثر من رائعة، دع لجنة التقييم تنذهل من قوة رسالتك. امتلاكك لمهارات الكتابة الأكاديمية والبحث العلمي تساعد بشكل كبير بإيصالك لقطعة مقالية رائعة، وركز على شغفك بالتخصص الذي ترغب دراسته.
أما رسائل التوصية، فكثير من الطلاب يحصلون على رسالة التوصية لمجرد إنها احدى المتطلبات، أيضاً لن تحصل على أي منحة إذا كانت رسالة التوصية الخاصة بك كأي رسالة أخرى، أهم نقطة في رسالة التوصية أن تتكلم عنك بشكل شخصي وفريد، مكتوبة لك أنت فقط. برأيي أيضاً، أن تكون رسالة التوصية طويلة، أي على الأقل صفحة ونصف، ومكتوبة بشكل احترافي وأكاديمي، وألا تكون الرسالة عامة، أن تكون أيضاً مروسة بترويسة الجامعة أو المؤسسة المانحة للرسالة، ومختومة وموقعة، وأكرر على أهمية اللغة الأكاديمية القوية في الرسالة، معظم المنح لديها تعليمات عن كتابة تلك الرسالة، تأكد الالتزام بتلك التعليمات.
أتمنى لكم التوفيق والنجاح في كل خطواتكم.