تجارب الطلبة – أمان صوفي تكتب عن تجربتها الدراسية في بريستول
2020-10-26
اسمي أمان صوفي، من سوريا.
بدأت رحلتي مع الماستر سنة 2018 في جامعة بريستول (University of Bristol)، واحدة من الجامعات العشر الأوائل في بريطانيا. انهيت الماستر بعد سنة واحدة عام 2019.
نظرا لكوني من بلاد الشام فقد كانت لدي الرغبة بدراسة اختصاص قلما تجده في البلاد العربية او على الأقل في بلدي الأم سوريا. لذلك قمت باختيار تخصص التنمية الدولية. واحد من أهم التخصصات الهامة في الفترة الراهنة التي نعيشها والتغيرات المستمرة على جميع الأصعدة سياسيا وثقافيا واجتماعيا.
أما بخصوص الحصول على قبول من جامعة بريستول، أستطيع تقييم عملية الحصول على القبول الجامعي بأنها نوعا ما جيدة. فبعد تعبئة الطلب الخاص بالكورس وإرساله استطعت الحصول على القبول المشروط (conditional offer) بسبب عدم استكمال وجود شرط اللغة الانكليزية في البداية فحص IELTS. وبعد اتمام فحص اللغة استطعت الحصول على القبول غير المشروط (unconditional offer). خلال هذه المرحلة كان الفريق الخاص بطلبة الدراسات العليا في بريستول يقدمون لي النصائح ويجيبون عن أسئلتي المتعلقة بالوثائق المطلوبة والخطوات اللاحقة للقبول.
في فترة ما قبل سفري إلى بريطانيا، حصلت على دعم مادي، ودعم معنوي. بداية فإن الدعم المادي الأساسي الذي خولني الخوض في هذه التجربة هو منحة مؤسسة سعيد Said Foundation. حيث قامت المنحة بتغطية كافة التكاليف المتعلقة بالجامعة والسفر و الإقامة في بريطانيا. تقوم منحة مؤسسة سعيد بتوفير منح سنوية لدراسة الماجستير في بريطانيا بغرض دعم الطلاب الناشئ. منحة سعيد تقدم للطلبة العرب من لبنان، الأردن، فلسطين وسوريا بناء على الكفاءة العلمية.
فيما يخص الدعم المعنوي فقط تم تعيين مرشدMentor من خلال منحة مؤسسة سعيد لكل طالب مقبول في المنحة. المرشد هو شخص من نفس بلدك قام بخوض تجربة دراسة الماستر في بريطانيا، الأمر الذي يكون لديه خبرة جيدة بأهم الصعوبات التي قد يواجهها الطالب وارشاده لأهم النقاط التي قد تفيده في حياته ببريطانيا. يتم تحديد معدل التواصل مع المرشد بضع ساعات شهريا. وبالفعل دور المرشد كان مساعد بشكل كبير فيما يخص اسلوب الحياة والدراسة في بريطانيا. كذلك كنوع من الدعم المعنوي المقدم من الجامعة، الجلسات الإرشادية المتعلقة بطرق الدراسة ببريطانيا وكيفية التكيف معها لتحقيق أكبر فائدة.
أما بخصوص الأسبوع التمهيدي في الجامعة (induction week)، فلقد كان الاسبوع التمهيدي الخطوة الأولى لي لمعرفة الجو العام للجامعة والطلاب، معرفة الCommunity بشكل أكبر و فرصة رائعة لمقابلة الطلاب من مختلف التخصصات و الخلفيات الثقافية. أنصح وبشكل شديد كافة الطلاب بحضور هذا الأسبوع التمهيدي، اذ غالبا ما تتخلله جولة عام في حرم الجامعة وكلياتها وأقسامها والحديث عن أهم المعالم بها. استطعت تكوين صداقات قوية خلال هذا الاسبوع استمرت لمدة عام كامل خلال الماستر.
هناك معلومة لابد من ذكرها عن طرق التدريس قبل التحدث عن جودته. ان الجهد الأكبر المبذول يقع على عاتق الطالب. حيث انه يتحتم على الطالب القراءة والبحث عن الموضوع المراد مناقشته في الجلسات القادمة ومن ثم يتم حضور الجلسات وطرح الأفكار ومناقشتها. أسلوب مختلف جدا عن الأسلوب التلقيني الذي اعتدناه في بلادنا العربية. بما يخص جودة التعليم في جامعة بريستول، فأعتبر نفسي شخص محظوظ حيث سنحت لي الفرصة بنقاش الدكاترة وأساتذة على مستوى عال من المعرفة.
أما عن علاقة الطلبة مع المدرسين، كانت تقوم على أساس الاحترام المتبادل بين الطرفين. جميع المدرسين الذين قابلتهم كانوا متقبلين وبشكل كبير للاختلاف الثقافي بين الطلاب. ودوما لديهم الرغبة في معرفة رأي الجميع. على قدر عال من التواضع الذي يفرض الاحترام في الوقت ذاته.
كما يجدر الإشارة إلى علاقة الطلبة مع موظفي شئون الطلبة، فقد امتازت علاقة الطلاب بشكل عام مع موظفي شؤون الطلاب بالاحترام والتفهم المتبادل. هناك احترام لظروف الطالب الخاصة والطارئة ودوما يوجد مجال لمناقشة فكرة وحل سوء الفهم بطريقة سلسة وهادفة.
أريد أيضاً أن أسلط الضوء على علاقة الطالب بمشرفه الشخصي (personal tutor)، علاقتي مع المشرف الشخصي، فقد كانت جيدة جدا. خاصة في المراحل الأولى من بدء الدراسة. ساعدتني المشرفة الشخصية بالتعرف أكثر على نظام التعليم في بريطانيا وما هي المهارات الأساسية التي يحتاجها الطالب في المراحل الأولى ريثما يعتاد الوضع وطرق التدريس في الجامعة. أنصح كل طالب باستغلال الفرصة المقدمة له من خلال المشرف الشخصي لكسر حاجز الخوف والغموض لديه.
في نهاية العام الأكاديمي تبدأ رحلة كتابة الرسالة، وتعتبر مرحلة البدء بكتابة رسالة الماجستير هي المرحلة الأصعب لدى معظم الطلاب بسبب الحجم الكبير من المعلومات المتوافرة التي قد تشتت الطالب عن هدفه الأساسي من الرسالة. وجود مشرف داعم ومطلع بشكل كبير على مواضيع مشابهة للموضوع المختار من قبل الطالب أمر أساسي لإبقاء الطالب على المسار الصحيح. لقد كانت المشرفة المسؤولة عني داعمة بشكل كبير من خلال النصائح التي تقدمها لي والمتابعة خلال مرحلة الكتابة. عادة هناك ساعات محددة يتاح للطالب فيها التواصل مع المشرف عنه. الأمر الذي يجعل هذه الساعات على رغم قصرها إلا أنها مركزة الفائدة وعميقة. في النهاية لابد من الإقرار بأن تعاون المشرف يتوقف على مدى تعاون الطالب. تحديد الأسئلة والقراءة المتعمقة قبل كل اجتماع أمر أساسي لضمان الحصول على الفائدة المرجوة من المشرف خلال الساعات المحددة.
أما عن مرافق جامعة بريستول، فالجامعة تمتاز بجمعها كلا من الحداثة والعراقة في الوقت ذاته. الجامعة بشكل عام على قدر عالي من التقدم التكنولوجي ولكن ضمن إطار العراقة. بناء Wills Memorial Building هو المعلم الأساسي للجامعة والذي يضم مكتبة الحقوق وقاعة الاحتفالات. تمتاز الغرف التدريسية بوجود كافة المستلزمات التي تهيئ الجو المريح للطالب والمدرس في الوقت ذاته من شاشات عرض متقدمة وما يرافقها من مستلزمات العرض كالمايك والإضاءة.
أما عن مكتبة الجامعة، فهي المكان المفضل لدي. تقريبا كل الكتب التي احتجتها خلال كتابة الرسالة كانت متوافرة بالمكتبة. طرق الإعارة مرنة جدا. مراقبة عدد نسخ الكتب والطباعة جميعها أمور يستطيع الطالب التحكم بها من خلال التطبيق الخاص بالمكتبة والمهيأ لطلاب الجامعة. خدمات ال IT والمقدمة بشكل مجاني لكافة الطلاب رائعة. تقريبا كل ما قد يحتاجه الطالب متوافر في مكان واحد.
أيضاً يجدر الحديث عن خدمات التوظيف المتاحة في الجامعة، فقد استطعت الاستفادة منها لمعرفة طرق البحث عن عمل في بريطانيا بدءاً من كتابة السيرة الذاتية بشكل يلائم متطلبات شركات التوظيف وانتهاء بمرحلة مقابلات العمل. كذلك فان هذه الخدمات مستمرة لكافة الطلاب لمدة خمس سنوات بعد تخرجهم.
أما عن السكن، فمكان اقامتي خلال مرحلة الماستر كانت في سكن الجامعة. والذي بدوري أفضله عن السكن الخاص، خاصة وأن القائمون على السكن متكفلون بكافة أعمال الصيانة والتنظيف. كذلك نظام ال Security المتوافر فيه أمر أساسي لسلامة الطلاب.
عند الحديث عن النظام الأكاديمي في جامعة بريستول، يجب الحديث عن نظام التغذية الراجعة (feedback) الذي حصلت عليه من المدرسين خلال فترة الدراسة. خلال مرحلة الدراسة وبعد كل assignment يتم إرسال تقرير مفصل للطالب عن طريقة أداءه ونقاط القوة وطرق التحسين فيما يخص نقاط الضعف. الأمر الذي يسهل عملية التطور لدى الطالب. لازلت أذكر الفرق الواضح يبن أدائي في الفصل الأول من الماستر والفصل الثاني. تطور ملحوظ وكبير في طريقة الكتابة والمناقشة، بالتأكيد التغذية الراجعة التي حصلت عليها بداية ساعدتني على معرفة نقاط ضعفي والعمل على تجاوزها.
أخيراً، أريد القول بأن سنة الماستر واحدة من أجمل وأصعب سنوات حياتي في الوقت ذاته. كمية كبيرة من التحدي والصعوبات التي واجهتها في البداية والتي اشعر بالامتنان لها لأنها جعلت مني الشخص الذي أنا عليه الآن. دراستي في جامعة بريستول كان بمثابة حلم جميل أطمح له دوما. ولكن الحلم دوما محفوف بالصعاب والتحديات. كانت سنة مليئة بالإخفاقات والنجاحات في آن واحد. تعلمت بها الكثير عن المجال الذي اخترته وعن نفسي. هي سنة النقلة النوعية في كل شيء. وفي محاولة دائما لأن تكون هذه النقلة للأفضل بالتأكيد.